الجمعة، 8 سبتمبر 2023

 

✍️✍️( ألـــــــــم الذكريات )✍️✍️
تواري قرص الشمس الذهبي خلف أشجارالنخيل الشامخة ، وتسربت أشعتها الذهبية عبر زجاج نافذته ، بينما هو يجلس كعادته في غرفته المظلمة شاردًا ، في المرة الأُولي التي التقي بحبيبته أثناء تلقية العلاج بإحدي المستشفيات أثرحادث تعرض له ، وهي كانت مصطحبة عمتها المريضة لقسم الأشعة بالمستشفي . التقت عيناه بعينيها التي وكأنها أزاحت عنه كل آلام جسده ، فهي فاتنة بكل المقاييس ، تبدوعليها ملامح العرق التركي رغم أنها من أُصول مصرية وُلدت في لبنان ووفدت إلي مصر لتلقي تعليمها الجامعي. وتقيم ببيت عمتها فترة الدراسة . شعر بأن قدماه تركته جالسا علي كرسيِّه المتحرِّك لتركض خلفها لتوقفها حتي لا تبتعد كثيرا ، لكنها سرعان ما توقفت بالفعل أمام غرفة الأشِّعة وأدخلت عمتها، ليطلب منها الطبيب الإنتظار بالخارج ، لتلمحه بطرف عينها وقد تعلقت عيناه بها في مشهد ملفت للنظر ، فشعرت بخجل شديد ، فهي أيضا كم كان حلمها أن ترتبط بشاب مصري قوي البنية ترتسم علي وجهه ملامح الرجولة الحقيقة ، وهاهو يتطلع إليها وكأن القدر أخيرا إستجاب لتحقيق حلمها ، فشعرت بخفقان في قلبها وتبادلت النظرات معه في خِلسة الأنثي المتدللة ، فتقدم نحوها بالكرسي المتحرك وكأنه أقسم أن يتحدث إليها وأن ينتهز الفرصة ليهدي قلبه حبيبة كم طال إنتظارها . وتعرف بها علي إستحياء وتبادلا الحديث اللطيف لمدة نصف ساعة ، قد تم خلالها تبادل البيانات لكليهما ، وخرجت عمتها من المستشفي لكنها لم تخرج من قلبه ولا عقله صار الحديث بينهما هاتفيا . وبعد فترة قصيره قامت بزيارته في المستشفي ، واستمرت زياراتها له طيلة شهر ونصف . حتي تم شفاؤه ، ليستأنف قصة حب قد بدأت في المستشفي ، لتستمر العلاقة بينهما سبعة أشهر قبل أن يعرف أنها علي غير ديانته , وإنها مسيحية , لكن هذا لم يحرك ساكنًا بقلبه بل زاد حبه لها دون النظر لأي إعتبارات ، وكانت إسمها ميرا ، فسألها في ذات يوم قائلا: ميرا هل ستعودين إلي لبنان بعد إنتهاء دراستك ؟ فأجابته قائلة . قبل أن أُحبك يا محمود بالطبع كان من الطبيعي عودتي ، لكني الآن لا أعرف ماذا أفعل . سألها لماذا أخفيتي عني أنكِ مسيحية ؟ فقالت في نبرة حسرة : لأنني أحببتك بكل طاقة بقلبي وكنت خائفة إن عرفت ذلك تتركني وترحل عني . فأنا رغم شخصيتي القويه ، لأول مره أشعر أنني ضعيفة وخائفة إلي هذا الحد . فاحتضنها بحرارة كادت أن تُصهر قلبيهما ، وقال لها لن يمنعني عنك إلا الموت ، وتبادلا الحديث في أُمور كثيرة حول قصتهما العاطفية ، حتي بدأ ينتبه إنها تسأله كثيرا عن أُمور الدين الإسلامي ، فاستشعر شئ ما مطمئن لقلبه وظل يجيبها بما مكنه الله من علمه ، وظلت تتابع أسئلتها طيلة ثلاثة سنوات حتي أنهت دراستها وبدأ الخوف يتملك قلب محمود خشية فراقها وانتهاء قصة حبهما ، وذات يوم إتصلت به لينتظرها عند باب الجامعة لأنها ستذهب لتعرف نتيجة الإمتحانات ، فجلس في انتظارها طويلا وهي تراه وتتأمله وكأنها تستكثره علي نفسها فهو شاب يحمل كل الصفات التي تؤهله ليكون فتي أحلام أجمل الفتيات فتقدمت نحوه ووقفت أمامه ترتدي نظارة شمسية عاكسة وفي زي إسلامي علي أروع ما يكون ليزيد جمالها جمالا وهو ينظر إليها لكن دون مبالاه ، فهو لم يتعرف عليها في ثوبها الجديد فضحكت ضحكة عالية فهب واقفا إنني أعرف تلك الضحكه إنها لحبيبتي فأزاحت نظارتها لتقول لها وهل لك حبيبة غيري يا محمود ؟ فاحتضنها كاالمجنون وظل يلف حول نفسه وهو يحملها بين ذراعيه في حركة دائرية أثارت إنتباها كل من بالحرم الجامعي ، متسائلا في سعادة لا توصف ، ماهذا ولماذا ؟ فأجابته قائلة:
هذا زي المسلمة لأني من هذه اللحظة شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ،وأُريدك أن تأتي معي إلي الأزهر لأُشهر إسلامي . فكاد أن يتوقف قلبه من الفرحه متسائلا ، لكن كيف وماذا ستفعلين مع عمتك وأهلك؟ فأجابته قائلة : لا أهتم بأي مخلوق يمنعني عن حبي لخالقي ولرسوله صل الله عليه وسلم
فاصطحبها إلي الأزهر لتشهر إسلامها وبعدها يتوجه بها إلي المأذون ليعقد قرانه عليها ، وبعد عقد القرأن طلبت منه توصيلها إلي المطار حتي تخبر والديها بلبنان ما حدث وتعود لتقيم معه بقية حياتها . فطلب منها الذهاب معها فوافقت علي الفور في سعاده . وانطلقا بالسياره في إتجاه المطار وتركته بجوار حقائبهما لتشتري بعض العصائر لتأتي سيارة مسرعة فتصدمها صدمة شديدة لتصل الي مسامعه أصوات الإصطدام ليجري نحوها في فزع ورعب وهو لا يشعر بقدماه من هول الصدمه وهو يراها غارقة في دمائها لينفجر في الصراخ والبكاء ويناديها قائلا : لاترحلي وتتركيني بهذه الحياه بدونك ، فلا قيمة لي بعدك ، وبدونك لا طعم للحياه، يقول هذا وهو يرفعها من فوق أسفلت الطريق ليضعها علي أحدي الأرائك الخشبية لحديقة بجوار المطار ، وينظر إليها في حسرة وهي تحتضر وتقول له في صوت خافت يودع الحياة ، شاء الله لي أن ألتقي بك حبيبا لقلبي ، وشاء الله لي أن أموت علي دين الإسلام وشاء لي أن اكون زوجتك في الدنيا ، لكنه لم يشأ لنا أن نجتمع في الدنيا كزوجين ، لهذا فأنا سأنتظرك في الجنة حبيبي بعد عمر طويل ، فإن كان لحبي بقلبك مكانه كبيره وهذا ما لا أشك فيه ،لا تكمل حياتك بعدي سجين أحزانك علي فراقي ، وتزوج فلن أرتاح في قبري إلا إذا تزوجت ومارست حياتك الطبيعية ، وأما أنا فسأترك لك ذكري تحتفظ بها حتي تلحق بي بعد عمر طويل . وهي دمي الذي لطخ قميصك هذه هي أجمل ذكري أتركها لك حتي لا تنساني مثلما سأظل أذكرك بعد موتي . قالت هذه الكلمات بالمستشفي لتنتهي القصة كما بدأت في المستشفي ، وصعدت روحها إلي خالقها . لتغلق السماء أبواب النور في وجهه ليعتكف بقية حياتة في الظلام منعزلا عن البشر وينفذ وصية حبيبته ويتزوج فقط لتفيذ الوصية ، ولكنه جسد بلا روح ، وشمس بلا ضياء، في إنتظار اللحاق بحبيبته
.✍️✍️✍️✍️✍️ بقلم الشاعرمحمد جوده ✍️✍️✍️✍️✍️
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص '‏قصة قصيرة للشاعر 2 موثقة الزكريات محمد جوده‏'‏‏
عرض الرؤى
ترويج منشور
كل التفاعلات:
عبدالله مغازى، ووجدان وجدان و١٧ شخصًا آخر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  سامحوني يااهل الهوي سامحوني يااهل الهوي ماقدرت يـــــوم انســاه كُتْرْ العَذَابْ والجـَــــوَيَ تعبوا لي قلبي معــــــاه سامحوني يااهل اله...