الثلاثاء، 29 نوفمبر 2022

 

 **************** ( رحيل الخريف ) *******************
قصة قصيرة بقلم
محمد جوده
ازدحم رصيف محطة القطار بالركاب واشتد الزحام علي أبواب القطار ، وفوضي النزول والصعود ، حتي اعتلي بعض الركاب ظهر القطار ومحرك الديزل ،
وتقدم كمال وهو يجر حقائبه وهو يحاول الإنزلاق داخل القطار ولكن شبه مستحيلا فقد بدأ القطار في التحرك وهو عالق بين الباب والرصيف، وحقائبه الكثيرة التي سقطت إحداهن لتجبره علي النزول بباقي الحقائب ويتخلي عن رحلته ،
فعاد ليجلس علي أحد الكراسي بالمحطة في انتظار القطار التالي ، وبعد لحظات من خيبة الأمل . اقتربت منه فتاة مبتورة القدمين ، وتتحرك بواسطة لوح خشبي مثبت علي عجلات صغيرة تساعدها علي الإنزلاق في الطريق، قائلة له بصوت رقيق ناعم
منديل يابيه ؟ فأومأ برأسه نفيا ، وهو لا يرفع عينيه . فاستطردت الفتاة قائلة .
ساعدني فأنا في حاجة للمساعدة . فرفع رأسه ليجد أمامه فتاة تشبه في جمالها اجمل ملكات جمال السينيما ومع الفرق انها بدون مكياج ، جمالها طبيعي ساحرة بمعني الكلمة
وذات جمال وعيون أخاذة ، شعر بخفقان في قلبه ، لا يدري ان كان انبهار بجمالها ، أم شفقة علي قدميها المبتورتان ، فسألها عن إسمها . قالت : روان
فقال في نفسه : الاسم جميل والملامح أجمل فماذا حدث لهذه الفتاة
فسألها هل يمكن أن تحكي له قصتها في فترة انتظاره للقطار وسيعوضها هذا الوقت
ويشتري كل المناديل التي معها ؟ فأومأت بالموافقة .
وبدأت تسرد قصتها قائلة : أنا بنت من الفيوم ، وفي بلدتنا لابد ان تتزوج البنات في سن مبكره ـ تزوجت وانا في سن 15 سنه وبضعة اشهر من شاب يكبرني بعام ونصف . مازال يتقاضي مصروفا من أهله ، ليس له قرار ولا شخصية ، وبعد 10 أيام من الذي يطلقون عليه شهر عسل .بدأت مأساتي . فالطفل الذي تزوجته ، لم يكن
يعرف أن والده قد زوجه من أجل أن يضاجع زوجته . وجدت والده يدخل عليا غرفتي
ويحاول التحرش بي فصرخت فخرج في المرةالاولي خوفا من ان تسمع زوجته صراخي . وأنا لم أعد أشعر باالامان من حينها فابلغت زوجي بما فعله والده معي
وفوجئت به يصفعني بشده ويقول : كيف أصدق هذا علي أبي ؟ انتي مجنونة ،
ولم يعير الأمر إهتمام وتوالت المحاولات من قِبل والده تجاوزات الخمس مرات
وأنا حتي لا أعرف طريق العوده الي أهلي . كنت صغيره ولم أخرج .
عندما تعبت من المقاومه هربت وتركت كل شئ ، وسالت عن طريق العوده إلي أهلي
فقالوا لي : لن تعودي الي هذا المنزل النجس مرة اخري . وبعد يومين جاء زوجي ومعه والده لأخذي الي منزلهم ، فثار أبي في وجههم ورفض عودتي وطالبهم بالطلاق
فقام زوجي وبيده مطواة بالإسراع نحوي يريد قتلي .. فانطلقت بلا تفكير مسرعة الي خارج المنزل وصرخاتي مدوية بالمنطقة . لأجد سيارة مسرعة تسقطني أرضا وتصعد بعجلاتها علي قدماي لتنكسر عظام قدماي ويتم بترهما كما تري .. وهذه ما وصلت إليه فقط لاني تمسكت بشرفي ليعود زوجي فيقتل أبي وأمي خوفا من إفشاء أسباب ما حدث .. لأجد نفسي بلا أهل ولا مأوي .. وخرجت من المشفي بلا أقدام ولا أهل ولا أصحاب فجئت إلي القاهرة حتي أحصل علي قوت يومي في بلد لا يعرفني فيها أحد
.ــــــــــــ إستمعت إليها ودون أن أشعر تساقطت دموعي من عيني .. فقلت في نفسي
ربما هذا هو الخير الذي استبدلني به ربي عوضا عن رحلتي
فأخذتها معي وتزوجتها ليس شفقة بل حب حقيقي بغض النظر عن عجزها
وصارت تساعدني في أعمالي الكتابيه وتقرأ لي وأقرأ لها حتي أحبَّت الشعر وأحبت
الكتابه ـ وعرضت عليا فكرة ان أكتب لها قصتها... لكن قصتها السعيده معي .. لا قصتها التي عاشتها قبل لقائي بها . فكتبت قصتها .. والان يقرؤها أولادنا لبعضهما البعض وكتبت القصة بعنوان ( رحيل الخريف )
بقلم الشاعر / محمد جوده
قد تكون صورة ‏‏شجرة‏ و‏تحتوي على النص '‏رحيل الخريف قصة قصيرة بقلم محمد جوده‏'‏‏
عرض الرؤى
أعجبني
تعليق
مشاركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  سامحوني يااهل الهوي سامحوني يااهل الهوي ماقدرت يـــــوم انســاه كُتْرْ العَذَابْ والجـَــــوَيَ تعبوا لي قلبي معــــــاه سامحوني يااهل اله...