********** عَظَمَة أُم *******
إزدانت شوارع القرية الصغيرة بزينة رمضان وخرج الأطفال يلهون ويلعبون ويتغنون بأُغنيات رمضان الشهيرة،في إستقبال الشهر المبارك بينما هناك بالقرب من كوبري ترعة القريه منزل ضئيل صغير بالطوب اللَّبِن وسقفه من أعواد البوص الهشَّة .ولجواره فرن بلدي تستند إليه سيدة في العقدالخامس من عمرها تتأمل السماءوكأنها تناجي ربها في هذه الليلة لأمر ما ،
فهي امرأة توفي زوجها منذ 5 سنوات وترك لها ثلاثة اطفال ولد وبنتان ، وطال بها الوقت في التأمل والمناجاة ، وفي أول ليلة سحور أتت هذه السيده ببعض الخبز وبعض بقايا الجبن وهذا كل ما في البيت الذي يحتوي علي بعض الأواني الفخارية وما يسمي بالزير وبعض الملاعق التي تبدوا انها أثرية ،وقدمته لأولادها قائلة لهم : هيا تسحروا ياأولاد : واعقدوا النية علي الصيام مثل كل عام فنظرت إليها ابنتها الوسطي قائله في تلقائية :لماذا نتسحر ياامي ولماذ نصوم ونحن لا نعلم ان كنا سوف نجد إفطارا أم لا ؟ ووقع هذا السؤال علي قلب الأُم كخنجرٍغاص في قلبها : فقالت لإبنتها بنبرة تزرع بقلبها الإيمان بالله وأنه الرازق: أنسيتي أن لنا رب ياابنتي ومن كان رزقه علي الله فلا يحزن ، فتناول أبناءها سحورهم وناموا
وفي اليوم التالي مر اليوم بلا ملامح أو بشائر واقترب موعد صلاة العصر ، والأم لا تكف عن التفكير في كيفية إحضار طعام لإفطار أولادها .لكن دون جدوي . والوقت يمر عليها كالريح ، وعلي أولادها كالدهر ، ولم يتبق إلا دقائق لا تتخطي النصف ساعة ، ولا يوجد طعام ولا شراب ، والحيرة تقتلها لكنها لم تفقد الأمل بالله تعالي ، ففكرت في الذهاب الي إحدي جاراتها لجلب طبق من الطعام تطعم به أولادها ، وأثناء ذهابها إلي جاراتها فوجئت بشاحنة ثلاجه كبيره ومغلقه تدخل في إتجاه الشارع التي تقيم فيه فتوقفت حتي تمر السيارة . وتوقفت السيارةُ لجوارها فهمَّت بالذهاب فإذا بصوت ينادي عليها . ايتها السيدة . تعالي واقتربي . فاقتربت حتي تري ماذا يريد منها ، فسألها أين منزلك وأين زوجك وأولادك ؟ فأشارت إلي منزلها الصغير وقالت أولادي بالمنزل وزوجي توفي ، فعاد الرجل ليسألها ثانية كم عدد أولادك ؟ فقالت :ثلاثة أولاد .فأخرج لها الرجل كارتونه كبيره بها كل ما يلزم البيت من طعام وشراب وعصائر وبقول وسكر وشاي وخلافه وقال لها : تفضلي هذه لكِ وتقدمي الي كابينة السيارةِ فهناك من يريد التحدث إليكِ . فتوجهت لكابينة السيارة بعد أن تناولت الكارتونه وألقتها جانبا، لتجد شابا تبدو عليه ملامح الثراء لينظر لها بكل احترام وقد سمع لحديثها مع الرجل ويقول لها تفضلي بإدخال الكارتونه إلي منزلك وعودي مرة أُخري . ففعلت ثم عادت . ليعطيها الشاب مبلغا من المال وخمسة كراتين إضافية تكفيها طوال شهر رمضان ويقول لها : كل عام وأنتي بخير ياأُمي . فسألته لماذا تفعل هذا معي . فأجابها . لقد سألتي الله فأعطاكي وإذا الله وهب لا تسألين عن السبب
فأنا شاب وحيد لأبي وأمي عشت طوال حياتي في ارتكاب المعاصي وكل ما يغضب الله وكنت أُنفق أموالي في طرق كلها محرمات وأنفق بلا وعي
حتي هداني الله الي طريقه ،فأردت أن أفعل شيئًا من الخير عسي أن يشفع لي عند الله ويغفر لي ما أذنبت فيه ، لذلك أسألك الدعاء لي بالمغفرة ياأمي ثم أعطاها بطاقة فيها عنوان منزله ورقم هاتفه قائلا لها : سوف يأتيكي مبلغا مني كل أول شهر أما إذا كنتي في حاجه لأي شئ أضافي فااتصلي علي هذه الأرقام فانهمرت الدموع من عين السيده وهيه تغمره بالدعوات وتحاول تقبيل يده وهو يسحب يده منها بشده فاسحلفته بالله أن يشاركها فطورها في اليوم الأول من شهر رمضان لتكتمل فرحتها .. وبالفعل أعدت الإفطار وفي سعادة غمرت الجميع خصوصا أولادها الذين قالوا لها وقد ملأ قلبهم الإيمان بالله وصدق ما تقوله أمهم أثناء تناول الإفطار في صوت واحد / صدقني ياأمي . من كان رزقه علي الله فلا يحزن
بقلم محمد جوده
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق