************رجل في حياتها ***************
نشأت ياسمين في أُسرةٍ مُحافِظة لكنها متوسطة الحال، ترعرعت في أحضان القيم والمبادئ والنشأةِ التربويةِ السليمة ، أنهت دراستها الجامعية، حتي دق بابها شاب من دولة عربية ميسورالحال وعلي خلق ، تمت خطبتها ، وفي غضون عام ونصف ، كانت ليلة زفافها من أجمل ليالي العمر ، تزوجت من شاب كويتي ميسور الحال ويعمل بإحدي المؤسسات التجارية العالمية ، وقد أعدَّ لها مسكنا يشبه القصور ، لا ينقصه شئ وجلب لها خادمة ، وأحبها بكل جوارحه وعاملها معاملةَ الملكات ، لكنه كان يضطر للسفر كثيرا
ويتركها لأيام أحيانا تصل إلي شهرين أو ثلاثة. واستمرت الحياة بينهما علي هذا المنوال هيه تشتاق إليه كثيرا لأنها تحبه كثيرا ،وهو يشتاق إليها أكثر ولكن طبيعة عمله تضطره للغياب عنها .
بدأ الملل يتسرب إلي قلبها ، فهي لا تسكن بنفس البلدة التي تقيم فيها أُسرتها ، وفي الوقت ذاته لا تحب الخروج بغير إذن زوجها ،حتي جاءت في ذات ليلة صديقة لها لزيارتها ، وتبادلتا أطراف الحديث فعرفت صديقتها أنها تشعر بكل هذا الملل فأرادت مساعدها حتي تتخلص من الملل وتستغل الوقت في التسلية أو الترفيه عن نفسها ، فقالت لها : لماذا لا تقومين بإنشاء حساب علي وسائل التواصل الإجتماعي وتتواصلين مع العالم عن طريق الإنترنت وتتصلي أيضا بزوجك وبهذا تقطعي هذا الفراغ الذي يحيط بكِ.فقالت لها ياسمين . حقا إنها فكرة جيده سأفكر في الأمر.فلما عاد زوجها طلبت منه أن يشتري لها جهاز كمبيوتر للتسلية وأن يقوم بإدخال شبكة إنترنت حتي تتمكن من التواصل معه أينما كان . فأخبرها زوجها أن الإنترنت ليس كل مافيه جميلا وأحيانا يؤدي إلي خراب البيوت وانهيار أُسر وإنه يخشي عليها فتنة الإنترنت .فقالت له : ألا تثق في زوجتك وأخلاقها ؟ فقال لها " حاشة لله لكني فقط أخاف عليكي من أشياء قد لا يُحمد عقباها . فقالت لا تخف ياحبيبي . وبالفعل قام بشراء جهازكمبيوتر وقام بتوصيل الإنترنت لها ، وانتهت فترة أجازته فسافر وتركها مع عالمها الجديد ، وبدأت هي تتصفح الإنترنت ولكنها لا تتواصل مع أحد لأنها لا تعرف شيئا عن كيفية هذا التواصل .حتي قامت صديقتها بزيارتها مره أُخري ،وقامت بإنشاء حساب لها علي الفيس بوك وعلمتها كيف تتعامل عليه وتركتها ، وبدأت هي في التواصل وتعلمت كيفية نشر المنشورات واختيار الأفضل لنشره حتي أحبت هذا المجال فإنه بالفعل قتل الملل ، حتي تعرف عليها شاب في إحدي مجموعات الفيس بوك ، وأغرقها بمعسول الكلام حتي إنها أدمنت كلماته وصارت لا تستطيع النوم إلا إذا تحدثت إليه ، لكنها أيضا محافظة علي علاقتها بزوجها ، حتي استطاع هذا الشباب أن يجعلها تبوح له بأسرارها الشخصيه والزوجيه ، ليلعب علي هذه الأوتار، فيوهمها أن حياتها التي تعيش فيها ، ماهي إلا مجرد جارية لرجل ثري ، يحتجزها بالمنزل في سجن وقضبان مزينة بالورد وأن حياتها بالفعل هكذا ممله .وبدأ يبدي لها رغبته في الإرتباط بها حتي أقنعها أن تطلب الطلاق من زوجها ليتزوجها هو ، فهو يعرف كيف يجعلها سعيدة ، فصدقته حتي أوقعها في براثنه وطلب منها التحدث عبر الكام صوت وصوره ففعلت ، وتطرف الحديث بينهما إلي منعطفات غير شرعية ، وعاد زوجها في أوج شوقة إليها يحتضنها باشتياق ليشعر أنها ليست في حالتها الطبيعية
فسألها ماالأمر؟ فطلبت منه الطلاق فعجب من طلبها وقال : هل أسأت إليكي في شئ ، قالت علي العكس أنا أُحبك جدا وأحترمك ولكن الفراغ الذي تركتني فيه جعلني لا أستطيع خيانتك ، لهذا فأنا أعلم أنك لن تقبل علي نفسك أن أظل زوجتك وقد أحببت غيرك ! فحزن زوجها كثيرا ثم عم الصمت المكان لفترة طويلة قبل أن يقول لها : أعدي حقائبك وما تريدين أخذه معك من أثاث أو مجوهرات أو ملابس أو أي متاع لك ، ففعلت ما طلبه منها ، ثم اصطحبها في سيارته وقام بتوصيلها لبيت أهلها الذين تفاجأوا بإبنتهم تحمل حقائبها متسائلين في دهشة ؟ ماذا حدث ؟ فلم تجيب هي . حتي قال لهم زوجها : لم يحدث شيئا ولكن أنا وياسمين قضينا كل هذه الفتره يحاول كل منا أن يفهم الآخر وللأسف فشلنا في أن يفهم بعضنا البعض ولذلك أتفقنا علي الإنفصال في هدوء ، واتفقنا علي أنها ستحصل علي كل ما تريده متاع وأثاث بلا مقابل أو شروط . ولهذا أتيت لأخبركم أنها من هذه اللحظة طالق . قالها وغادر البيت بكل احترام . وهيه أيضا ليست سعيده بما حدث . ولكن هي علي أمل أن تتزوج هذا الشخص التي تعرفت عليه عن طريق الانترنت . للتواصل معه بعد إسبوع وتخبره أنها حصلت علي الطلاق وهيه الآ ن في شهور العدَّة وفي انتظاره حتي يتقدم لها ليتزوجها كما وعدها . ولكن كانت صدمتها . تفوق الخيال عندما أخبرها هذا الشاب أنه لا ينظر لفضلات غيره ولا يتزوج من امرأه وطأها رجل غيره ، وإن ما حدث بينهما كان برغبتها وبإرادتها ، ولم يتوقف الأمر علي هذا فقط بل طلب منها أن تستمر علاقتهما وإلا سينشر كل الفيديوهات التي صورها لها عبر الكاميرا ويقوم بفضح أمرها ، ثم قام بابتزازها وطلب منها مبالغ ماليه طائله بما إنها مطلقه من ثري . أُصيبت بانهيار عصبي وتم نقلها إلي إحدي المستشفيات . واستغرق علاجها شهورا حتي علم زوجها الذي طبقها بخبر مرضها فأتي لزيارتها بعد خروجها من المستشفي وكانت طريحة الفراش تنادي بإسم زوجها طول الوقت لشعورها بالندم علي فقدانه واتباعها أهواء الشيطان ، فسمع هو صوتها وهي تنادي باسمه ولم تكن تعلم أنه بالخارج . فطلب من والدتها أن تحضرها ، فأحضرتها والدتها ورأته فخفق قلبها عشقا وخجلا وندما علي ماارتكبته بحقه ، وهو كان كريما معها لدرجة أنه لم يخبر أهلها حتي أنها هيه من طلبت منه الطلاق .واتسعت عيناها وتلجم لسانها عندما وجدت بجانبه امرأة اخري فتحاملت علي قدميها وبسطت يدها لتصافحهما ، فأخبرها زوجها انه تزوج هذه السيده وأنه جاء للإطمئنان عليها .فطلبت منه أُمها أن تتحدث إليه علي انفراد . فلبي طلبها ، فأخبرته امها أنها منذ شهور وهي لا تنطق إلا إسمه وأنها ندمت علي طلاقها منه وطلبت منه أن يفكر في أن يعيدها لعصمته ، فأومأ الرجل بأنه سيفكر سريعا في الأمر، وخرجا معا ليقول لزوجته مشيرا إلي ياسمين ، هذه هي زوجتي الأولي التي تزوجتها عن حب ومازلت أحبها ولا أعلم كيف ومتي أنسي أو أتوقف عن حبها ، وأنا الآن أفكر في أن أُعيدها لعصمتي , ولن أفرق بينكما في الحقوق ولا المعامله فهي حبيبتي وزوجتي الأُولي وانتي حبيبتي وزوجتي الثانيه فما قولك ؟
فأجابت زوجته الثانية التي كان قد صارحها بكل شئ قبل هذه الزياره وقد زاد احترامها له وحبها له .
الذي مثلك أمير بين الرجال ولا تجرؤ امرأة علي أن ترفض لك طلبا وأهلا بياسمين أخت وسنكون نحن الاثنتان زوجاتك وفي خدمتك ولك بقلبينا محبة الزوج الحنون .
وعادت ياسمين لزوجها مره أخري بعدما تلقت درسا قاسيا من الحياه وأغلقت حسابها علي الإنترنت وقامت ببيع الجهاز وفصل الإنترنت وقالت لن ينشغل بالي وعقلي وقلبي ألا بحب زوجي
وعادت إلي حياتها السابقة ، لتتلقي مكالمة من أحدي المستشفيات بوصول جثة زوجها وزوجته أثر حادث مروع علي الطريق السريع . لتستأنف ياسمين بقية حياتها علي أطلال ذكري حياتها الأولي معا زوجها قبل أن تطلب منه الطلاق ، والآن هي أصبحت الوريثة الوحيده لكل ما يملك حتي ذكرياته . التي وجدتها في أحد أدراج مكتبه يقول عنها . ياسمين هي المرأة التي جعلتني أري الحياة من نافذة الجمال وهي التي جعلتني أري أُنوثة النساء في أُنوثتها فكم أحبها . فاحتضنت تلك الورقه وهي غارقة في دموعها لتتضرع إلي الله وتقول . سامحني ياإلهي فأنت تعلم ما بقلبي واكتب لي أن ألتقي بجنتك التي أدعوك أن تدخلني إياها برحمتك ، برجل واحد في حياتي . هو زوجي الحبيب .
بقلم الشاعر محمد جوده